القاهرة ٣٠٠٠ (٢)
اقتربت المركبة بسرعة مخيفة مطلقة، إن ثقتي الساذجه في إنها ستتوقف ولن تسحقني في مكاني تدهشني كل مره، ولكن ليس بيدي حيلة فبإمكانها أن تتعقبني في أي مكان.
إن شكل المركبة البيضاوي يسمح لها بديناميكية هواء تجعلها تطير بسرعة فائقة بإستخدام محركها المدمج المتطور وبدون صوت يذكر.
هكذا تذكرت ما تعلمته عن هذه المركبات ألتى أصبحت وسيلتنا الوحيدة في التنقل، فبعد أن دمرت منذ زمن بعيد كل الطرق الرئيسية في أنحاء القاهرة لم يعد هناك سبيل إلا بالإعتماد كلية على هذه المركبات الطائرة لمن يستطيع تحمل تكلفة إستخدامها.
اتجهت إلي المركبة التي ما أن وصلت حتى اقتربت مني ببطئ وفتح باب ليزري صغير في جانبها، أتمنى أن يتمكن الباب من تطهير ملابسي الواقية وألا أضطر القيام بعملية تطهير شاملة نتيجة لإنتظاري بعضا من الوقت في الخارج. صحيح إن التلوث الإشعاعي في أعلى معدلاته ولكن بفضل هذه الملابس المحكمة أستطيع أن أصمد لبضع دقائق قبل أن يقتلني الإشعاع.
"ما الذي أخرك؟!"، تسألت بحده وأنا أرفع قناعي الواقي لأتنفس الهواء النقى داخل المركبة.
"حصل تأخير بسبب حادث تصادم في محطة انطلاق المركبات"، رد صوت أنثوي بكل ما يحمله برود الذكاء الإصطناعي.
انكمشت في المقعد الوحيد في المركبة الزجاجية وأنا أرى المصنع الذي أعمل به ببتعد عني بسرعة فائقة، لا أستطيع استيعاب ما سمعته منذ لحظة، تتسارع الأفكار في ذهني، فهذه الألات لا تخطئ أبدا. هل هذه بداية شئ أكبر؟! إن كل شئ حولي يبدو طبيعيا، ما أن خرجت المركبة من منطقة المصانع الغير مأهولة حتى ظهرت أمامي المباني العملاقة الطائرة محلقة بمحركاتها الأيونية شديدة القوة.
انطلقت المركبة بسرعتها الفائقة فوق ما كان يسمى نهر النيل من زمن بعيد، إنه الآن وادي مقفر ملئ بالبشر، لا يوجد الآن أي مكان نظيف لم يلوثة الإشعاع نتيجة للحروب النوويه إلا وقد أصبح مليئا بالبشر. لقد أصبحت الأرض للأشد فقرا والمرتزقة وانتقل من هم يستطيعون ايجاد قوت يومهم إلي السماء.
لا، ليس إلي الجنه.
بعد دقائق من السفر فائق السرعة أرى الأن المبنى حيث غرفتي، إنه الأحدث بناء حيث يمتد على مساحة ١٠ أفدنه وبطول ١٠٠٠ متر في الهواء، هذا العملاق الطائر مدعم بسبعة محركات أيونية هي الأحدث صنعا، من بعيد يبدو كأنه مكعب عملاق يطفو بثبات، وما إن اقتربت حتى بدأت تظر التفاصيل سريعا، حيث الألاف من المركبات وكأنها تختفي وتولد من الجدران الرمادية المصمته. إن مركبتي الآن تتواصل مع انظمة تحكم المبنى لتحرك غرفتي على حدوده الخارجية وستندمج مع غرفتي سريعا.
التحمت المركبة مع الجدار وخرجت منها لأجد نفسي في غرفتي، دائما ما يراودني الشك، هل بمكن أن تخطئ هذه الألات لأجد نفسي في غرفة شخص أخر؟ أعتقد إنها ستكون تجربة مخيفة لكلانا ولكنها قد تكون فرصتي الوحيدة لأتكلم مع أحد في هذا العالم الذي تديره الألات.
Comments
Post a Comment